دهاقنه السياسة
في منتصف ليلة من ليالي شتاء عام 1957 م خرج نوري السعيد باشا
رئيس وزراء العراق انذاك بمعية سائقه
ومر في شارع غازي
(شارع الجمهورية حاليا ً)
وتوقف عند مقهى صغير لبيع الشاي
كان المكان مكتظا ًبالزبائن رغم تأخر الوقت
وكان جلهم من المخمورين العركجية
فأراد صاحب المقهى ان يهتف مهللا بقدوم الباشا كعادة أكثر العراقيين عندما
يرون مسؤولا كبيرا في الدولة !!
لكن وبإشارة من يد الباشا لصاحب الدكان سكت صاحب المقهى …
وقدم الشاي الى الباشا وسائقه بهدوء وخوف
وهو يهمس…. أهلا معالي الباشا…شرفتنه بجيتك معالي الباشا .. نورتنه جنابك معالي الباشا
فطلب الباشا نوري السعيد منه ان يسكت لئلا يثير حفيظة المخمورين
ويسلب راحتهم لا أكثر فأنتبه أحد المخمورين ونظر الى الباشا
بأستغراب ــ كعادة المخمورين ــ وترنح أمامه وكان يبدو عليه ومن ملبسه انه كان
شقيا من شقاوات بغداد أنذاك
( ويا مكثرهم ذلك الحين )
وسأل الباشا :
انت نوري سعيد…؟؟؟
فنهض السائق ووقف بوجه الشقي..المغوار…. وقال له: أستريح أغاتي ….أنت متوهم…
فقال الشقي: أبشرفي أتشبهه.. العفو أغاتي…
وبعد لحظات قليلة
قام الشقي مرة أخرى وقد بدت عليه علامات الغضب فقال بصوت
عالي انتبه له كل المخمورين….
لالالا أنت نوري سعيد….. باشا.. القندرة
ونظر الى السائق وقال له :
وانت صالح جبر قيطانه …
( أتفو عليكم..وبصق بوجههم )…
أراد صاحب المقهى ان يضرب المخمور الذي اساء الأدب وكذلك السائق..
ولكن نوري السعيد منعهم من ذلك
وبكل هدوء مد يده في جيبه وأخرج مبلغ 3 دنانير وأعطاها إلى المخمور الذي أساء الأدب
وغادر المقهى وركب سيارته بهدوء
وفي السيارة قال السائق بحنق وغضب شديدين متذمرا ً:
جناب الباشا ليش مخليتني أأدب هذا الأدب سز أبن الشارع اللي تطاول على سيادتك؟؟
فقال له الباشا وبهدوء :
…أبني هذا سكران وما عليه حرج… لو انته ضربته وجرجرناه للتوقيف راح يسألوه لك اشسويت؟؟
راح ايكول :تفلت بوجه رئيس الوزراء…
ويصير هو بطل …...وآني أنفضح…
بس هسه راح ايروح ايهوس
بالطرف ويصيح…تفلت على رئيس الوزراء وأنطاني ثلاث دنانير
راح ايصيحوله جذاب… سكير…ابو العرك
..!
وفعلا هذا ما حدث !!…
انها بديهية وحسن تصرف واستقراء الأمور
والعاقل يفهم
ولك أن تتصور لو تنعاد
هاي الشغلة ويه ما يسمون انفسهم سياسيين هذا الوقت
؟؟؟؟؟؟؟؟؟