تمثل الجريمة المنظمة واحدة من أخطر الملفات في إسرائيل, وهو ما اعترف به القائد الجديد للشرطة يوحانان دينييو الذي تم الإعلان عن تعيينه رسميا مفتشا عاما للشرطة يوم الأحد الماضي. وقال دينييو في حديث خاص لعدد من وسائل الإعلام الإسرائيلية إن ما يقلقه هو ارتفاع معدل الجرائم بصورة مقلقة بداية من الأغتصاب أو سرقة السيارات وحتي القتل مع سبق الإصرار, فضلا عن تصاعد عمليات تهريب المخدرات في البلاد وتزايدها بصورة مقلقة. وعلي سبيل المثال تشير صحيفة هاآرتس في تقرير لها تزامن نشره مع أختيار دينييو قائدا عاما للشرطة إلي ارتفاع نسب الجريمة المنظمة بصورة كبير ة, وعلي سبيل المثال ارتفعت ظاهرة تعاطي المخدرات بين الشباب خلال العام الحالي بنسبة20%, بالإضافة إلي ارتفاع نسبة جرائم سرقة السيارات إلي24%, فضلا عن تزايد الجريمة بين الأحداث والصبية بصورة دفعت الصحيفة إلي المطالبة بضرورة تأهيل الصبية والأحداث في فترات الصيف من أجل القضاء علي نسبة الجريمة المتفشية بينهم. وبرغم أن دينييو أشار إلي المجهودات التي قامت بها الشرطة في مجال مكافحة الجريمة, زاعما أن هناك ما يقرب من9 من أباطرة المافيا الإجرامية في إسرائيل يعيشون خلف القضبان الآن, فإن الصحف اليومية الكبري في إسرائيل أشارت صراحة إلي أن هناك الكثير من رءوس هذه المافيا يعيش حرا خارج أسوار السجن, معتبرة أن القضاء علي الجريمة في إسرائيل يحتاج إلي ما يشبه الثورة خاصة في ظل المعاناة الكبيرة التي يعاني منها الكثير من الإسرائيليين بسبب انتشار الجريمة بالبلاد. وتشير الإحصاءات الرسمية المتعلقة بعمل الشرطة إلي وجود الكثير من التحديات المهمة التي ستواجه دينييو في عمله, ويكفي أن العام الماضي تم تسجيل419.837 جريمة قام بها أحداث وصبية. وتشير صحيفة معاريف إلي أهمية هذه النقطة موضحة أن الشرطة فتحت العام الماضي ما يقرب من133.326 ملف جنائي يتعلق بجرائم الأحداث, وهي الجرائم التي تتنوع بين تجارة المخدرات وانتشار العنف بين الطلبة في المدارس, والأهم من كل هذا انتشار ظاهرة الاتجار في المخدرات بين العديد من هؤلاء الصبية. وتحذر الصحيفة من انتشار هذه النوعية من الجرائم تحديد,ا زاعمة أن العام الماضي كان بمثابة عام المخدرات, حيث ارتفعت نسبة تهريب المخدرات بين الشباب إلي ما يقرب من38%. وقام الصبية الإسرائيليون دون الـ18 عاما بالاتجار العام الماضي فقط فيما يقرب من77 كيلو جراما من الهيروين مقابل63 كيلة من الكوكايين, بالإضافة إلي كميات كبيرة من الحشيش والماريجوانا. بالإضافة إلي ارتفاع نسب الكثير من الجرائم ومنها ارتفاع نسبة اقتحام الشقق بنسبة13% وأرتفاع سرقة المحال التجارية بنسبة16% وارتفاع نسبة سرقة السيارات بنسبة12% وارتفاع نسبة السرقة المسلحة بنسبة10%. صحيفة يديعوت أحرونوت توضح في تقرير لها إلي أن الشرطة تلقت هذا العام وحتي منتصف الشهر الجاري9.641.763 نداء إلي مراكز الشرطة المتعددة, وهو ما يشكل ارتفاعا كبيرا بنحو نصف مليون مكالمة بالنسبة لنفس الفترة من العام الماضي. وسجلت مدينة تل أبيب وحدها ما يقرب من18% من نسبة هذا العدد, لتكون هذه المدينة هي الاكبر والأهم بين مختلف المدن الإسرائيلية في معدلات ارتكاب الجرائم. وتشير دراسة إسرائيلية أصدرها المركز الاجتماعي لمكافحة العنف في تل أبيب إلي خطورة هذه الظاهرة, وتعيد انتشار الجرائم بين الأطفال والصبية تحديدا إلي عدد من العوامل, أبرزها نشآة الأطفال في الكثير من الأجواء الصعبة التي تساعد علي نمو العنف بين بعضهم البعض. وتوضح هذه الدراسة أن الصبي الإسرائيلي يشاهد ويستمع إلي الكثير من المصطلحات مثل الأعداء ونشاط الجيش والأمن والتصدي للعنف, وهذه المصطلحات تلازم الطفل منذ صغره حتي دخوله إلي الجيش, وهو ما ينعكس بعد ذلك علي سلوكه حتي داخل الأسرة بعد ذلك. جمعيات نسائية من جانبها تشير جمعية الدفاع عن النساء' نعمات' الإسرائيلية إلي أن العام الجاري شهد ارتفاعا غير مسبوق في معدلات العنف والجريمة ضد الكثير من شرائح المجتمع خصوصا المرأة. وقالت الجمعية في دراسة لها إن العام الجاري شهد حتي الآن مقتل15 امرأة علي أيدي أزواجهن أو أبناء أسرهن, كما شهد ارتفاعا بنسبة10% في عدد اللواتي يتوجهن بنداءات للخط الساخن بالشرطة لمنع أعمال عنف موجهة ضدهن. وأقرت الدراسة التي حملت عنوان'الجريمة في إسرائيل' إلي أن انتشار الجريمة في إسرائيل بات يمثل أزمة كبيرة للغاية لا يمكن وبأي حال من الأحوال السكوت عليها. وأشارت الدراسة إلي استطلاع للرأي أجرته علي قطاعات متباينة من المجتمع, وهو الاستطلاع الذي طرحت عدد من الأسئلة المهمة أبرزها التساؤل عن الفئة الأكثر عنفا في المجتمع ؟ حيث أشار52% إلي المستوطنين في حين اختار23% المتشددين الدينيين, واختار4% العلمانيين. وعن السبب الرئيسي المسئول عن زيادة معدلات الجريمة ؟ اتهم48% النظام التعليمي, في حين اتهم36% أعمال العنف التي تعرض في وسائل الإعلام, بينما رأي7% آخرون أن هجر الطريق الديني المتشدد هو السبب. الغريب أن الدراسة رأت أن88% من الإسرائيليين يرون أن المجتمع أصبح أكثر عنفا عن العشر سنوات الماضية بشكل يثير القلق والمخاوف. كما أعرب83% عن اعتقادهم بأن الأحكام التي تصدر بحق المجرمين متساهلة ولا تقابل بالردع الكافي للحد من الجرائم. اللافت للنظر أن هذا العام شهد الكثير من الجرائم في إسرائيل, وكانت الحادثة الأهم والأشهر المتعلقة بمهاجمة مجموعة من الشبان والشابات من المراهقين عائلة كانت تتنزه بالقرب من شاطيء تل أبيب, فاعتدت علي الأب وقتلته بعد تشاجرها معه. وبعدها تفجر عدد من القضايا مثل اكتشاف جثة لسيدة مقطعة إلي أشلاء تحترق في برميل للنفايات, والعثور علي جثة رجل مقتول في أحد البراميل, ومقتل صاحبة منزل طعنا في كل أنحاء جسدها بسبب مطالبتها للمستأجر بالأموال اللازمة له. بالإضافة إلي القضية التي هزت تل أبيب والخاصة باغتصاب جد لحفيداته الثلاث لمدة3 سنوات متتالية, وقبيل الحكم علي الجد المغتصب كانت الشرطة قد ألقت القبض علي إبراهام يعكوف, وهو أحد سكان مدينة كفار سابا بتهمة الاغتصاب وارتكاب أعمال مشينة والتحرش الجنسي بنساء كبيرات في السن في مؤسسة خاصة لرعاية كبار السن ذوي الاحتياجات الخاصة, وما إلي ذلك من الجرائم العديدة التي تنقلها بصورة يومية وسائل الإعلام الإسرائيلية. وعلي إثر هذه الجرائم اعترف كل من الرئيس شمعون بيريس ورئيس الوزراء نيتانياهو بأن الجريمة أصبحت تمثل ظاهرة مخيفة في إسرائيل, وتهدد بتفشي الإرهاب الداخلي في المجتمع. وتشير لجنة الشئون الداخلية التابعة للكنيست إلي أن الخسائر المالية الناجمة من وراء تفشي الجريمة في إسرائيل تقدر مبدئيا بحوالي13 مليار شيكل إسرائيلي, أي ما يوازي قرابة25 ر3 مليار دولار في السنة الواحدة, وهو مبلغ كبير للغاية دفع بصحيفة إسرائيل اليوم التي تعد واحدة من أهم الصحف اليومية الإسرائيلية إلي الزعم بأن مخاطر انتشار الجريمة في إسرائيل تشبه تماما المخاطر الناجمة عن حزب الله أو حماس أو أي عدو أخر يرغب في القضاء علي إسرائيل وكشفت الصحيفة المقربة من نيتانياهو إلي أن الشرطة ستبدأ في تجنيد ألف شرطي مع بداية العام المقبل, وذلك مع وضع ميزانية تقدر بنحو مليار شيكل أي ما يوازي تقريبا( نحو250 مليون دولار) من أجل الإسهام في مكاحفة العنف والتقليل من نسبة انتشار الجريمة. من جانبها تشير صحيفة يديعوت أحرنوت إلي ظاهرة خطيرة تتعلق بالجرائم, وهي تزايد نسبة الجريمة الجنسية بالبلاد, وهي الجريمة التي باتت تمتد في الكثير من المؤسسات الحكومية والعسكرية وعلي رأسها الجيش فضلا عن الكثير من العائلات الإسرائيلية. ويكيليكس المثير أن وثائق ويكيليكس التي يتحدث عنها العالم الآن تناولت هذه القضية, وتطرقت إلي التحذير من انتشار الجريمة المنظمة في' إسرائيل. هذا أن تفشي ظاهرة العنف في إسرائيل بات مقلقا للغاية ويسير من سيء إلي أسوأ. وتشير صحيفة يديعوت أحرنوت في تقرير لها نشرته علي موقعها الإلكتروني عبر الإنترنت إلي خطورة انتشار الجريمة في إسرائيل, موضحة أن معدلات هذا الانتشار باتت مقلقة للغاية والأهم من كل وأشارت الصحيفة إلي نص إحدي البرقيات التي أرسلها السفير الأمريكي في' إسرائيل' في مايو عام2009 لوزارة الخارجية الأمريكية, وهي الرسالة التي تم إرسال نسخة منها إلي جهاز الشرطة الفيدرالية الأمريكية. وكان أهم ما جاء في هذه البرقية, هو تحذير السفير من أن الجريمة المنظمة في إسرائيل لها جذور عميقة, لكنها في السنوات الأخيرة شهدت تصاعدا مقلقا وكبيرا في حجمها. وأضاف السفير' برغم أن الشرطة والقضاء الإسرائيلي يقومون بحملة واسعة ضد الجريمة المنظمة فإن هذه المشكلة أبعد ما تكون عن الحل في المرحلة الحالية'. الغريب أن السفير الأمريكي أبدي تخوفه من تأثير تعاظم الجريمة المنظمة في إسرائيل علي مستوي الجريمة في بلاده, مشيرا إلي أن معظم أفراد العائلات المتهمة بالقيام بالجرائم في إسرائيل لديهم جوازات سفر أوروبية وحتي أمريكية, مما يجعل تل أبيب واحدة من أهم الروافد الخارجية التي تسهم في انتشار الجريمة في الولايات المتحدة الأمريكية. واستشهد السفير بعدد من الأمثلة من أجل إثبات صحة مزاعمه, ومنها قضية أدم أبتبول وهو أحد أبرز أباطرة الجريمة في إسرائيل, وهو نجل تشارلي أبتبول المتورطان في تنفيذ عدد من عمليات المافيا الإجرامية في الولايات المتحدة ولكنهما هربا إلي إسرائيل, إلا أن واشنطن طالبت بإعادتهما من إسرائيل فورا, وهو ما أجبر إسرائيل علي القبول بهذا الأمر علي مضض. اللافت للنظر أن السفير تحدث عن العائلات التي تسيطر علي عالم الجريمة الإسرائيلية وهي عائلات أبرجيل وألبيرون وأبتبول وهاراري وروزنشتيان, وهذه هي العائلات هي الأكثر شهرة ومعرفة بعالم الجريمة المنظمة. وتعترف الكثير من التقارير الإسرائيلية بخطورة هذه العائلات وسطوتها البارزة علي العديد من المرافق الاقتصادية, ووصل الأمر إلي إدارتها للكثير من الجرائم الخارجية والأهم من كل هذا سطوتها علي قطاعات واسعة من المؤسسات والهيئات الخارجية. ومن أبرز هذه الهيئات المراهنات الكروية, التي تم الكشف أخيرا عن قيام عدد من أباطرة الجريمة في إسرائيل بالتورط في القيام بإدارتها بصورة مشبوهة, الأمر الذي دفع بالقائمين علي أتحاد الكرة الإسرائيلية للتحذير من مخاطر العلاقات المشبوهة التي تتورط بها بعض من العائلات الإجرامية مع القائمين علي هذه المراهنات. |