بيروت - (ا ف ب) أسماك "غارا-روفا" الصغيرة الموزعة علي أحواض صغيرة في أحد مراكز التجميل في بيروت ليست مخصصة للصيد أو للأكل أو للزينة، بل هي تتولي "تزيين" أيدي زبائن المركز وأقدامهم اذ "تصطاد" اللحم الميت فيها وتأكله، من دون أن تتسبب لهم بأي أذي، وهي لذلك تسمي "الأسماك الطبيبة".
وهذه التقنية للعناية بالقدمين واليدين، التي أدخلها مركز "ارجيلاب" في عين الرمانة، احدي ضواحي بيروت، الي لبنان في أواخر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، بدأت تجذب كثرا من الجنسين، يسلمون أطرافهم طوعا، وبطيبة خاطر، لهجمات قوافل الأسماك الصغيرة الجائعة التي تشبه أسماك السردين. واستقدم صاحب المركز الدكتور ناظم متي، وهو طبيب في الجراحة العامة، وزوجته ارليت التي تعمل في المجال التمريضي، نحو ألف من هذه الأسماك من شرق آسيا، بعدما شاهدا تحقيقا علي احدي المحطات التلفزيونية الفرنسية يصور هذه الأسماك وفوائدها في أحد المنتجعات الصحية في أسبانيا. واقتنع الثنائي بفوائد هذه السمكة الطبيبة بعد أبحاث أجرياها. وتطمئن أرليت متي عبر وكالة "فرانس برس" الي أن عملية تنظيف الأظافر بواسطة هذه الأسماك هي من دون ألم، وتشرح "هي سمكة من دون أسنان، تمص علي غرار المحجمة أو المصاصة". وتضيف "تأكل هذه السمكة اللحم الميت من دون أن يحدث ذلك تهيجا في الجلد الحي اوغير الميت، ومن دون أن تسبب أي التهاب، لا بل تقوم الاسماك بالتدليك منشطة الدورة الدموية، وبعد وقت قصير يشعر الزبون باسترخاء بدءا من القدمين وصولا الي الرأس، الي درجة ان ثمة من يشعر بالنعاس". تبدأ اجراءات النظافة بازالة طلاء الاظافر، ثم تغسل القدمان او اليدان بالماء من دون صابون، لان المواد الكيميائية الموجودة بالصابون تضر بالاسماك. بعدها تبرد الاظافر اذا كانت تحتاج الي ذلك، وتنقع القدمان أو اليدان بالماء خمس دقائق، قبل أن يتم وضعهما في حوض الأسماك، مع الحرص علي ألا تلمسا قعر الحوض حتي لا تدهسا الاسماك بطريق الخطأ. وما ان تحط أصابع القدم أو اليد في الحوض الزجاجي المكعب الذي يبلغ طوله نحو 80 سنتيمترا والمليء بالماء الدافئ الذي تتراوح حرارته ما بين 25 و 30 درجة، حتي تشن قوافل الأسماك الصغيرة الموجودة في هذا الحوض، والتي يصل طولها الي ما بين سنتيمترين وأربعة سنتيمترات، هجماتها علي "الهدف"، ملتهمة اللحم الميت حول الأظافر، ومدلكة مساحة القدم أو اليد علي طريقتها، مما يولد شعورا بالدغدغة ثم بالاسترخاء، بحسب ما لاحظت مراسلة وكالة فرانس برس. وعند انتهاء الأسماك من "مهمتها" التي تنفذها علي مراحل أو موجات، علي مدي نحو 20 دقيقة، يتم اخراج القدم أو اليد من الماء، فتكون ناعمة كجلد الطفل. وتشدد متي علي أن التنظيف والتدليك بواسطة الأسماك لا يتسبب بأي رائحة، وتشير الي أن المياه التي تحويها الأحواض تكرر بواسطة مصفاة لكل حوض، اذ تعيش هذه الأسماك في مياه عذبة مخصصة لها، فيها كمية معينة من الأوكسيجين والمعادن. وفي هذه الغرفة حيث خرير المياه يخيم علي الأجواء، خصصت متي واحدا من الأحواض الخمسة للزبائن الذين يعانون مشاكل جلدية. وتشرح متي أن لهذه الأسماك فوائد صحية، اذ "تفرز هذه الأسماك مادة ديترانول او انثرالين، وهي مادة مستخدمة لمعالجة الاكزيما والصدفية" .
وتبلغ كلفة العناية بالقدمين واليدين بواسطة "الأسماك الطبيبة" 30 دولارا أميركيا للقدمين و20 دولارا لليدين، وتقول متي في هذا الصدد: "كلفة العناية بهذه الأسماك وتربيتها كبيرة، لكننا مسرورون بهذه التجربة لأن الناس سعداء بها".[img][/img]