.
بقلم:كامل الجبوري
باحث اعلامي \هولــندا
ما الذي تبقى من الامل الكاذب بل الوهم الكبير في الحرية والديمقراطية التي رفعت كشعارات براقة داعبت مشاعر العملاء ,المتعطشين للانتقام من كل ما هو عراقي او عربي او اسلامي واللاهثين وراء المكاسب الانية بل
وماذا فعل الغزاة باهل العراق ,,ماذا جنى العراق وشعبه بعد كل هذا الوقت من الاحتلال ؟؟هذه تساؤلات بسيطة من مئات بل الاف الاسئلة تطرح كل يوم من خلال التجربة المعاشة منذ دخول الامريكان واعوانهم الى بغداد والى يومنا هذا
وقد اثبتت الايام ان الاحتلال لم يجلب معه الا الشر والدمار للعراق وشعبه بل وللمنطقة بشكل عام ,فها هي الاسباب التي تم تسويقها في البداية لاحتلال هذا البلد قد سقطت وتبين زيفها فمن كذبة امتلاك العراق لاسلحة محرمة دوليا الى ان القيادة
الشرعية والتي تم اغتيالها فيما بعد كانت تدعم الارهاب وقد تبين كذب هذه الفرية حيث لا احد اكثر ارهابا من صهاينة البيت الابيض ومن يتحالف معهم ...,والان
لنلقي نظرة الى محصلة التجربة المريرة:فطامة الاحتلال هي الشئ الظاهري ولكن التبعات الرهيبة والكارثية هي ما نتج وينتج مع استمرار هذا الاحتلال,سأحاول ان استعرض
بعض منها وهي كثيرة ولا تخفى الا على من يريدوا ان يغطوا الشمس بغربال ,فقد تحول العراق في ظل هذا الغزو من احد افضل دول العالم في مجال التعليم والصحة والذين هما
مقياس لتقدم الشعوب الى اكثر الدول تخلفا وامية ,ومن بلد الرافدين الذي كان مضرب الامثال في التقدم الزراعي الى بلد لازرع فيه ولا ضرع ولا ماء بل وبيئة ملوثة,هذا
ناهيك عن تفتيت البلد بطريقة منهجية فبدءا بحل الجيش و المؤسسات المدنية واعادة تشكيله على اسس طائفية وبما يتلائم ومصالح المحتل واعوانه,وبدل من ان تنقل امريكيا خبراتها
العلمية والتقنية الى هذا البلد العريق فقد سلبت ثرواته و نقلت اليه كل ما تمتلك من وسائل التدمير والتخريب واستخدمت لذلك ما استطاعت من الاساليب المشروعة وغير المشروعة ,فمن الترسانة العسكرية الهائلة
والتي تم استخدامها كقوة غاشمة همجية لم تضع اعتبارا لاي ميثاق سماوي او ارضي الى استخدام جيوش من المرتزقة ممن لا مهنة لهم الا القتل والتدمير بل والتلذذ في اذلال الانسان,
الى استخدام اعداد هائلة من العملاء الذين جاءوا مع الاحتلال او من عملاء الداخل ممن باركو وسهلوا دخوله من خلال بث الشائعات وزرع بذورالفتنة بين ابناءه
واستمر مسلسل التدمير المادي والمعنوي والنفسي للشعب فبين الترهيب لمن يقف بوجه (الديمقراطية)الامريكية الى الترغيب بالشمس الساطعة والحرية الدائمة واستخدمت لذلك
الماكنة الاعلامية الهائلة وقد لاكت الالسن هذه الكذبة بحيث صدقها الكثير من الناس ليس لانها صحيحة بل لمجرد ان يسلوا انفسهم بحلم ولد ميتا ,,وبالاضافة لمعضلة الاحتلال
وما جره من ويلات على البلاد والعباد فقد ولدت معضلة لاتقل خطورة وايلاما تمثلت بمى تسمى بالحكومة (الوطنية)والعملية السياسية,والتي بدأت ترسم ملامحها على المجتمع
وتشوه افكاره ومبادئه التي تربى عليها ,حيث تم قلب الموازين فاصبحت كلمة مقاومة لا يستطيع احد ان يذكرها مجرد ذكر لانه سيتهم بالارهاب تلك التهمة الجاهزة التي
يمكن لاي شخص ان يطلقها على من يريد التخلص منه واصبح مسمى الانخراط فيما تسمى العملية السياسية والتي تعني القبول بمشروع المحتل والقبول بكل الجرائم التي ارتكبها
فان قبلتها فأنت تساهم في بناء البلد وان رفضت فأنت من بقايا النظام(السابق)وتعامل كمجرم يجب الاقتصاص منه او تدخل ضمن قانون الاجتثاث فيقطع رزق عائلتك وتحرم من اية وظيفة في الدولة, واصبحت الرشا والفساد والمحسوبية هي النزاهة, واختفت من بقايا الكتب
المدرسية كلمات الوطن والاحتلال والمقاومة والعزة والكرامة والاعتزاز بتاريخ الاجداد وأدخل بدلها ا(النظام العالمي الجديد)والشرق الاوسط الكبير والعولمة و العمولات واضيفت العبارات الطائفية والالقاب الحوزوية وكل عبارة شاذة تنبذها النفس ..,,... ,و
ترك العراق نهبا لكل عميل متعطش للمال والجاه وكل طامع من خارج الحدود بل وحتى من له مشكلة مع امريكا فقد جاء ليصفيها على ارض العراق وبالدم العراقي والامريكي ,ونتيجة
لهذا التشويش الذي حصل على العقلية العراقية والعربية المتفرجة فقد دخل العراق في نفق احتلال اخر غير مباشر ولا يقل خطورة عن الاحتلال المباشر ان لم يكن اشد خطورة منه
ذلك هو الاحتلال الفارسي متمثلا بعملائه وخدمه من قطعان الذئاب البشرية التي كانت تتربص في جحورها في الداخل او التي دخلت مع المحتل وقد استحكمت وانشبت اضفارها في جسد العراق
وبمباركة قوات الغزو الغاشمم ,ومنحتها الادارة الامريكية في الحقبة (البوشية)سيئة الصيت اسم الحكومة العراقية لتضفي على ما تقوم به من تدمير وتشويه
نوع من الشرعية وذلك من خلال ما يسمى بتسليم (السيادة) للعراقيين والاتفاقية الامنية بحيث اعطت للادارة الامريكية وبطريقة ما نوعا من التحلل من صفة الاحتلال الى دولة حليفة
وهنا الخطورة الكبرى والجريمة التي يجب ان لاتغتفر ولا تنسى لمن كتب ونقح ووافق ومرر ووقع وحتى من سكت على تمرير اتفاقيات الاذعان تلك,لانها كبلت العراق وشعبه وثرواته التي فوق الارض
وتحتها وحتى سماء البلد ولاجيال وعقود لايعلمها الا الله..وهذا ما زاد حجم الاجحاف الذي لحق بالشعب العراقي وغمط الكثير من حقوقه التي كان من الممكن ان يحصل عليها
,ولكن تخاذل الحكومات التي نصبها الاحتلال ومحاولة تعويم وضعها والاسراع في تقديم التنازلات حتى لايتم تهميشها او استبعادها فكانت الاصطفافات السياسية على حسب المصلحة
لهذه الجهة او تلك مما جعل الثمن باهظا على الشعب العراقي والامة العربية جميعا ,حيث وبغض النظر عن اي شئ فقد كان يمكن لهذه الحكومات المعينة ان تقلل من حجم
المخاطر التي تضمنتها الاتفاقات التي ابرمت مع المحتل ولكن على العكس فقد صممت وانجزت لتفتيت وتقسيم البلد,ولم يتحقق شئ مما اطلق من تصريحات رنانة عن التطور الاقتصادي
وتحويل العراق الى (يابان) الشرق الاوسط وقطعا لم ينجزاي من ذلك بل كان وسيبقى شعارا فارغ المحتوى وكذبة تعشش في رؤس الذين اطلقوها حيث العراق الان وسيبقى الى عقود قادمة
كأحد اكثر البلدان فسادا اداريا وتخلفا اقتصاديا وفقرا جماعيا ...والنتيجة ان الشعب العراقي لم يحصد سوى خيبات الامل واحس ان الاوهام التي داعبت مخيلة البعض من ابناءه
ما هي الا اضغاث احلام ,فها هي السنين تمر ولم يتحقق لهذا الشعب ابسط مقومات الحياة سواء في مجال الامن او الخدمات الاساسية..وفي الواقع فأن ما يسمى بتسليم السيادة واتفاقيات الاذعان قد
ضيعت حقوقهم وادخلتهم في معترك السلطة والصراعات السياسية وحاولت تقويض شرعية مقاومتهم ونتيجة لما مر على هذا الشعب الصابر من ظلم قبل الاحتلال تمثل في حصار جائر
امتد لاكثر من عقد من الزمان وما تبعه من ضغط نفسي تمثل في قوة غاشمة ومعها ماكنة اعلامية هائلة قبل وخلال فترة الغزو ونتيجة لذلك فقد تحول البعض من رفض الاحتلال
الى محاولة التعايش معه والتحول من المقاومة المسلحة لطرده الى اللجوء الى المفاوضات على امل الحصول على هذا الحق المسلوب
كما ان حقبة الاحتلال قد افرزت محورين قويين احدهما المحور الكردي متمثلا بما يسمى بالتحالف الكردستاني يهيمن عليه ال البرزاني وطالباني وجماعته ويضم تحت جناحيه قوى صغيرة
وجدت في هذا التحالف الحماية وبعض من فتات المكاسب, وقد تعامل الاحتلال مع هذا المحور(الكردي)على انه وحدة اجتماعية وقومية واحدة بينما تعامل مع العرب على اساس طائفي (سنة وشيعة) وقد استمرأها البعض وروج لها فكان المحور الثاني او ما يسمى بالائتلاف وهو
المحور الطائفي المقيت الذي جاء من خلف الحدود متمثلا بمليشيا منظمة غدر الفارسية ومجلس عمار الطباطبائي الحكيم وحزب الدعوة وغيرها من التنظيمات الطائفية العميلة
وتلك هي التي عاثت في البلد فسادا ومزقته شر ممزق بتعليمات من ايران ومباركة من الاحتلال ,وبين هذا وذاك تشكل في منطقة وسط وغرب العراق بعض الكيانات المشوهة ونصبت
نفسها ممثلا لاهل تلك المناطق وفي الحقيقة هي ارتكبت جرمين ,الاول هو اضاعة حق العراقيين الاصلاء بأدعائها تمثيلهم والثاني انها كانت المبرر الذي مررت من خلاله اكثر القرارات
جورا بحق العراق والعراقيين والمقصود بذلك هو حزب طارق الهامشي وسيبقى هامشيا(لان البيت الهاشمي برئ منه)بل وكل عراقي برئ من هؤلاء العملاء الذين استمرأوا الكذب على انفسهم
وعلى الناس,بل وسيحاسبون حسابا عسيرا......لكن وبالرغم من كل ما تقدم والذي يبدوا مأساويا وهذه حقيقة, ولكن كما يقال رب ضارة نافعة فان ما مر على العراق وشعبه طيلة هذه الفترة العصيبة ,وبمقدار ماتسبب من الاذى فأنه وبنفس القدر قد اوضح الصورة وابعد الخنادق عن بعضها بحيث اصبح معروفا من هو في خندق العراق واهله و من هو في ركب الاحتلال حيث تساقط الانتهازيون وقناصوا الفرص وبقيت ثلة تراقب لا الى هؤلاء ولا الى هؤلاء ولكنها اخذت وقتها وميزت وعرفت ان خندق العزة والشرف وصون الكرامة هو خندق العراق فانحازت اليه ,و يكفي العراق فخرا ان المقاومة قد بدأت فيه مع بداية دخول القوات الغازية فكانت اسرع مقاومة تنشأ في التاريخ,اضافة الى انها صمدت على الرغم من انها لم تلاقي الدعم الا من الله وسواعد ابناء العراق ,واجبرت المحتل ان يعترف بها ويتقهقر امام ضرباتها الموجعة,بل وحاول اضعافها من خلال تسريبات بالتفاوض معها او دفع عملائه للقيام باعمال ارهابية وتفجيرات ضد الابرياء وينسبها الى المقاومة ليسحب الدعم والمباركة والاحترام الذي تحظى به من قبل الشعب العراقي الرافض للاحتلال وحكومته الهزيلة ...ويبقى الاستنتاج الاهم من كل ما سبق هو ان الظلام مهما كبر واسود فأن نقطة ضوء صغيرة بأمكانها ان تطرده....وللحديث بقية انشاء الله.