لمنتديات الحقيقة:ندوة فكرية بمناسبة الذكرى الاليمة لاحتلال العراق
وبالنظر لاهمية الموضوع ننشره كما هو:
أكد مجموعة من أساتذة العلوم السياسية والمهتمين بالشأن العراقي أن الاحتلال الأمريكي قام بعملية تطهير ثقافي واسعة النطاق في العراق بهدف محو هويته العربية والإسلامية ، مشيرين انه يريد أن يخلق عراق جديد بعد تجريده من جذوره الحضارية والثقافية بما وصفوه بـ "ولادة قيصرية لعراق جديد علي يد جراح أمريكي".
وأوضحوا أن الخسائر العراقية جراء الاحتلال الأمريكي لم تكن مقتصرة علي الأرواح وتدمير البينية التحتية والاقتصادية بل كانت عملية تدمير حضاري وثقافي حيث استهدفت المتحف وقاعات الدراسة وكل رموز الحضارة العربية في العراق.
جاء ذلك خلال ندوة مناقشة كتاب "التطهير الثقافي في العراق" الذي حرره كل من ريموند بيكر وطارق إسماعيل وشيرين إسماعيل وترجمه الدكتور محمد صفار التي نظمها مركز الدراسات الحضارية وحوار الثقافات بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية.
بداية ، أكد الدكتور سيف الدين عبد الفتاح أستاذ النظرية السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية أن ما قام به الاحتلال الأمريكي في العراق تعبر عن رويه "الطاغي" عندما لا يترك أفاق لأي قوي موجودة في المنطقة في ظل مشروعه الكوني التي يهدف إلي السيطرة علي كل شيء.
وأضاف أن ما حدث في العراق وما يحدث بجانب احتلال الأرض يعتبر "حرب ذاكرة" التي تعبر من الحرب المسلحة لأنها تتعلق بمحو الذاكرة وهي آلية من الآليات التي يستخدمها في تعامله مع المنطقة.
وأشار إلي أن الاحتلال عمد إلي سرقة تاريخ العراق وحضارته من خلال سرقة الآثار والسجلات ، وتدمير المواقع الأثرية والمتاحف ، موضحا أن العالم الغربي يحقد كل الحقد علي حضارتنا ويريد تدميرها بشتى الطرق.
من جانبه، قال الدكتور محمد بشير صفار أستاذ العلوم السياسية ومترجم الكتاب انه يدور حول التطهير الثقافي وهو الحرب الحضارية والتي تهدف إلي تدمير الذاكرة وتدمير كل ما يتعلق بها من بشر ومتاحف وأثار ، وهي الحرب التي تظهر بعد انتهاء دوي المدافع والمعارك لتوجد في قاعات الدراسة والمكتبات والمتاحف.
وأضاف :"نحن أمام عملية هندسة حضارية من اجل إعادة تدوير الحضارة ، فهم يريدون ولادة قيصرية لعراق جديد علي يد جراح أمريكي".
وأوضح أن الكتاب تعرض عمليات التطهير الثقافي التي تعرض لها العراق مثلما حدث في كولومبيا والبوسنة وفلسطين ، من سرقة للآثار وتدمير للمتاحف ومحاولات محو أثار التاريخ العربي والإسلامي.
بدورها ، أكدت الدكتورة منار الشوربجي أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية والمتخصصة في الشئون الأمريكية انه وفقا للقانون الدولي فان أي قوة احتلال تكون ملتزمة بحماية الآثار والمتاحف وأي مظاهر حضارية وهو ما لم يطبقه العدو الأمريكي أو الإسرائيلي في العراق أو فلسطين.
وأضافت أن قيمة الكتاب تبع من انه أكد أن الجريمة الأمريكية التي ارتكبت في العراق لم تكن مقتصرة علي تدمير البنية التحتية والنسيج الاجتماعي بل كانت تهدف إلي القيام بعملية تطهير ثقافي وتفريغ العراق من محتواه الحضاري.
وأشارت إلي أن الكتاب موجه للجمهور الأمريكي الذي يجهل ما يحدث خارج مدينته ويجهل ما تفعله حكومته باسمه خارجها فالكثير يعتقد أن حكومته "دولة خير تريد أن تجلب السعادة للشعوب الأخرى" ، موضحة أن 70% من الشعب الأمريكي كان يعتقدون قبل الخرب علي العراق أن العراقيين هو السبب الرئيسي في إحداث الحادي عشر من سبتمبر نتيجة التضليل الإعلامي الذين كانوا يقومون به.
وأوضحت أن ما فعلته الولايات المتحدة الأمريكية في العراق والشرق الأوسط ليس جديد بل سبق وفعلته في أمريكا اللاتينية حيث الاستخدام المفرط للقوة العسكرية وسقوط آلاف المدنيين ومحاولة التطهير الثقافي والحضاري لشعوبها وهو ما يحدث الآن في العراق وأفغانستان ، مشيرة إلي انه تكرر وبنفس الأشخاص أيضا فمن يعرف تاريخها في أمريكا اللاتينية يدرك بمنتهي السهولة أن سياستها واحدة.
وقالت الشوربجي أن المحافظين الجدد في الولايات المتحدة الأمريكية كانوا يخططون لغزو العراق منذ التسعينيات من القرن الماضي بعد أن حولت أمريكا إلي قوة عظمي فكانت نظريتهم تقوم علي تدمير كل من يقف في وجه هيمنتها علي العالم ، وكانوا يهدفون إلي إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط والعراق كانت هي الخطوة الأولي باعتبارها المنطقة الأضعف في الأنظمة العربية.
وأضافت أنهم كانوا يريدون تطويع العراق وتحويله إلي جزء من مخطط الهيمنة الأمريكية وفي المرحلة الثانية تطويع إيران وسوريا سواء من خلال إرسال القوات العسكرية أو غيرها من الوسائل التي تتبعها ثم تقسيم السعودية وتدمير حماس وحزب الله وأخيرا الوصول إلي مصر.
وتابعت أن المحافظين الجدد يملكون استعلاء وكراهية شديدة للحضارة العربية وبالتالي كانت جزء أساسي من التدمير في العراق ، واصفة إياهم بالجهل والغطرسة بسبب فشل أولي خطواتهم وهو السيطرة علي العراق حتى وان احتلتها ودمرتها فلازالت المقاومة قائمة ولازال التاريخ العربي في العراق قائم رغم محاولات تدميره.
ووصف الباحث العراقي صادق الطائي ما قام به الاحتلال الأمريكي في العراق وما يقوم به الآن بأنه محاولة لاقتلاع حضارة العراق وتجريده من ثقافته العربية والإسلامية ، معرفا التطهير الثقافي بأنه عملية اقتلاع الحضارة بجوانبها الإنسانية والمادية وما يرتبط بها من تصفية المثقفين والنخبة والمتاحف والأماكن الأثرية والمساجد وما إلي ذلك.
وأضاف أن السؤال الجوهري الذي طرحه كتاب "التطهير الثقافي في العراق" هو من يقف وراء هذا التدمير ؟ ، منددا في الوقت ذاته بعمليات السرقات التي تمت للآثار العراقية ، وإخراج مدينة بابل من الأماكن الثقافية التابعة لليونسكو وجعلها فقط منطقة سياحية.
وقسم الطائي التاريخ العراقي إلي ثلاث حقب الأولي منذ 1968 – 1991 منذ اعتلاء حزب البعث حتى حرب الخليج الأولي ، والثانية منذ 1991 – 2003 وهي مرحلة الحصار الاقتصادي ، وأخيرا من 2003 إلي الآن أي منذ الاحتلال الأمريكي للعراق.
وقال إن العراق شهد الكثير من حملات التطهير والتهجير فمنها مرحلة ما يسمي "الولاء لإيران" حيث تم تهجير مابين 200 إلي 300 ألف شخص ، والحملة الثانية تهجير حوالي 20 ألف شخص علي خلفية محاولة اغتيال طارق عزيز في الجامعة المستنصرية ، وحملة ثالثة عندما تم تهجير من 50 إلي 75 ألف كردي وتركماني فيما عرف بمحاولة التغيير الديموغرافي لمدينة كركوك.
وأشار إلي أن الاحتلال الأمريكي قام بالعديد من عمليات التطهير في العراق منها عملية التطهير وفرز الأحياء علي أساس طائفي في الفترة من 2004 – 2007 والتي أدت إلي تهجير 200 ألف عائلة إلي خارج الحدود ، مشيرا إلي أن حوالي 2 مليون عراقي من النخبة هاجروا إلي دول الجوار ، إضافة إلي تهجير مابين 4 – 5 ألف فلسطيني وطردهم من مساكنهم وعلقوا علي الحدود بين العراق والأردن.