امتداد للطب العلاجى فى الاسلام وعند سيد الاولين والاّخرين ، حديثنا اليوم عن عسل النحل وكفى بصدق الله سبحانة وتعالى فيما اوردة فى سورة النحل حيث يقول رب العزة ( وأوحى ربك الى النحل ان اتخذى من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون – ثم كلى من كل الثمرات فاسلكى سبل ربك ذللا – يخرج من بطونها شراب مختلف الوانة فية شفاء للناس ان فى ذلك لاّية لقوم يتفكرون ) صدق الله العظيم ، فليس جديدا ان نتكلم عن العسل كغذاء ودواء وقد عرفتة البشرية منذ بدأ الخليقة واكتشفوا خصائصة الغذائية والعلاجية واعتبروة فى مقدمة الاغذية والادوية التىيجب ان يعتمد عليها الانسان .
ولقد سجل فى الكتب السماوية فجاء فى القراّن فية شفاء للناس ، ومن قبل جاء ذكر العسل فى التوراه فحين سافر نبى الله يعقوب عليه السلام الى مصر مع اولادة للمرة الثانية نصحهم بتقديم قدر من العسل الى فرعون مصر هدية لة ، وروى عن سليمان الحكيم قوله اذهبوا وفتشوا عن العسل واستعملوه ، وقد وجد العسل فى كثير من مقابر الفراعنة ، ومن العجيب رغم طول هذه المدة من اربعة الاف الى خمسة الاف سنة الا انة وجد سليما ، باستثناء بعض التغيرات التى حدثت فى لونه نتيجة اكسدة مركبات الحديد التى توجد بة لكن طعمة وخصائصة لم تتغير ، وهذا يدل على مدى قدرة العسل على الاحتفاظ بخصائصة وصفاتة لفترة طويلة ، والتى ترجع فى المقام الاول الى قدرة العسل على قتل البكتيريا لانة يمتص الماء التى توجد داخل البكتيريا ليحرمها تماما من الماء فتموت على الفور ، ولذلك اطلق عليه الحافظ الامين فهو يحفظ بلا هوادة ولفترات طويلة .
والنحلة تسير باحثة عن الازهار المحتوية على الرحيق فهى تميز الازهار المفيدة عن غيرها من حيث الرائحة واللون ، وفوق هذا اثبت العلم الحديث ان نحلة العسل والشغالات يعطيها رب العزة فى اعينها انها بتطلق اشعة فوق البنفسيجية فتلون الزهرة التى تريد ان تلعق منها الرحيق بلون جذاب وبالتالى تستطيع الحصول منها على ما تريدة من الرحيق ، وتعطى النحلة الواحدة يوميا حوالى 1. جرامات من العسل ، لذلك فهى تطير لكى تحصل على 1. جرامات من العسل يوميا ذهابا وايابا حوالى 6. مرة . ويوجد انواع كثيرة من العسل يختلف باختلاف المنطقة والازهار التى تجمع منها ، وباختلاف الفصل التى تجمع فية .
حيث اجود انواع العسل الربيعى والصيفى ، ويقول داوود الانطاكى فى تذكرتة عن العسل انة يقطع البلغم ، ويزيل انواع الرطوبات ، ويزيل الاسترخاء واللزوجات ويقطع السدد ، ويعين على ضعف الشهية عندما يشرب ويزيل دمعة العين والحكة ويعالج الجرب وبرد العين ، واذا خلط العسل مع النشادر فانة ينفع من مرض البرص والبهاق . والحقيقة ان افضل دهان لمواضع البهاق هو خلط العسل النقى مع النشادر ليعود الجلد الى لونة الطبيعى ، كما ذكر داوود الانطاكى انة عندما يخلط يخلط عسل النحل مع زيت حبة البركة فانة يزيل اوجاع الظهر فضلا عن انة يزيد من القدرة الجنسية ، واذا طبخ مع الخل والملح يفيد كدهان للكلف وهى النقاط البنية التى تظهر فى وجه السيدات ، وذكر ايضا انة يحلل الاورام ، واذا اذيب وشرب فى الماء يسكن المغص ويقطع العطش .
وكان يكتب دائما الانطاكى انة ينفع ويزيل الضرر الذى يأتى من اّلام النفساء ، لذلك نلاحظ ان هناك العديد من الوصفات التى يدخل فيها عسل النحل ضمن عناصره ، ولا احد يقدر ان يحصى فوائد العسل النحل ، وفوائد ما يخرج من بطون النحل والمواد المختلفة بة ، فاذا كنا نريد ان نتحدث عن العسل لكى نوفية حقة فاننا نتحدث عن سر من اسرار الطبيعة التى وهبها لنا الخالق سبحانة وتعالى .
ورغم كل البحوث العلمية التى اجريت على العسل لكشف تركيبة وفوائده فانه هناك الكثير من الاسرار التى لم تكتشف بعد ، ويكفى ان الامر جاء من الله سبحانة وتعالى ، فالوحى هنا وحى الهام للنحل ان تتخذوا من الجبال بيوت ومن الشجر ومما يعرشون وفى هذا ترتيب لانواع العسل : فالعسل البرى الذى يوجد فى الجبال اجودها بعد هذا يأتى الذى يوجد طبيعيا على الاشجار ، ومما يعرشون اى الخلايا التى توضع ليعيش فيها النحل ، وكلمة كلى من كل الثمرات اى اجمعى ما تحتوية كل الثمرات المختلفة فعندما تأكل تدخل الرحيق التى تأكله الى بطنها ثم تفرز عليه انزيمات هاضمة لتصنع العسل التى تقوم بوضعه فى الخلايا السداسية ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بالتداوى بالقراّن والعسل حيث يقول تداوا بالقراّن والعسل حيث جمع بين الروحانيات وبين الماديات صلى الله عليه وسلم ..
ولذلك يقول جعل الله شفاء امتى فى ثلاث شربة عسل او شرطة محجم او كية نار وما احب ان اكتوى بالنار .ومما جاء فى الخبر ان اعرابيا جاء الى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو الية استطلاق بطن اخية وكلمة استطلاق بطن اخية اى حدوث اسهال فى بطن اخية فقال لة رسول الله صلى الله عليه وسلم اسقية عسلا وفعل الاعرابى لكنة جاء ثانية الى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اسقيتة عسل ولم يزدة الا استتلاقا اى لم يزدة الا اسهالا ، فقال لة رسول الله صلى الله عليه وسلم اسقية عسلا وكرر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم للمرة الثالثة حتى قال لة بعد ذلك صدق الله وكذبت بطن اخيك ، ثم شرب الرجل فى الرابعة عسل فبرأ ثم شفى .
وهنا يظهر السبب فى التكرار لان فية معنى طبى بديع لان الدواء يجب ان يكون لة مقدار وجرعة حسب حالة الداء ، فان قل الدواء عن الداء لم يزيله بالكلية ، واذا زاد الدواء على الداء يؤدى ذلك الى وهن القوة فيحدث ضرر ، لذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما امر هذا الاعرابى ان يسقى اخية العسل سقاه مقدارا لايكفى مقداء الداء ولا يزيد العرض ، فلما تكررت الشربات بحسب الداء شفاه الله باذنة سبحانة وتعالى وهذه تعتبر قاعدة طبية مهمة جدا يضعها رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال لة اسقية عسل حتى الرابعة ثم قال لة صدق الله وكذبت بطن اخيك .
اما ابن البيطار يقول عن عسل النحل اذا طبخ العسل مع الشبت الرطب ( اى يوضع العسل فى حمام مائى مع الشبت ويزال الرغوة الموجودة ) ثم تدهن بة داء الثعلبة يشفيها تماما فداء الثعلبة للاّن لا يوجد لة علاج الاكميات الكورتيزون والتى عند سحبها يعود مرض الثعلبة مرة اخرى ، اما اذا خلط بالملح يشفى التورمات والالتواءات وتسكن الالم . والحقيقة ان بعض الناس يستخدمونة كغرغرة لعلاج التهابات الحلق واللثة .
فعند اضافة الليمون الى العسل يتحول العسل من المادة اللزجة الى المادة السائلة ليقضى على التهابات اللثة والحلق والبؤر الصديدية الموجودة فى اللوز خاصة عند الاطفال اللذين يشتكون من التهاب اللوز والحلق ، اما اذا شرب العسل ساخنا مع دهن الورد يقطع السعال حتى الاّتى من حساسية الصدر ويطرد البلغم وكانوا قديما يعجنوة بالدقيق لمعالجة القروح والتقيؤات فيسحب ما بها من مدة او ميكروبات . اذن يمكننا ان نقول ماذا يقول الطب عن عسل النحل ؟
كان البحث عن ترتيب عسل النحل هو شغل العلماء من البداية ، فالنحلة التى تصنع العسل من الزهور والشمس والهواء هى فى الحقيقة تصنع سرا من اسرار الحياة فهى شملت كل شيىء الشمس والزهر والهواء ، والنحلة التى تبحث عن الازهار وتنتقى منها النافع وتبتعد عن السام والضار فمن الذى هداها الى هذا انة الله الذى هدى ، فاذا ما جمعت الرحيق ترجع الى الخلية وهى فى عودتها تعرض لسانها الى الهواء والشمس حتى يتبخر الماء الموجود بالرحيق ، فاذا ما جاءت ودخلت الخلية افرزت بعض الخمائر والانزيمات من فمها فى هذا الشهد فيتبدل تركيبة من قصب السكر الى سكر الفواكه وسكر الليفيلوز وسكر الديكستيروز ، وتأخذ كل الفيتامينات الموجودة فى رحيق الازهار والمواد الحيوية التى تحمل بين جنباتها سر فوائد هذا الساحر الذى لايمكن ان نحصيها ، فلا احد يراقبها فى هذا ، لكن الله سبحانة وتعالى هو الذى اعطاها هذه الغرائز لكى تصنع لنا من هذه الطبيعة شهدا كطعام ودواء .
يحتوى عسل النحل على 1/5 من وزنة ماء ، ويحتوى على بروتين ، 4/5 مواد كربوهيدراتية وهى السكريات المختلفة ، مقادير من فيتامين ب المركب ، فيتامين c، ومقادير من الصوديوم والكالسيوم والبوتاسيوم والمنجنيز والماغنيسيوم والحديد والنحاس والفوسفور والكبريت ، ووجد ان كل 100 جرام من العسل تعطى 294 سعر حرارى كبير بيسموة كيلوسعر، رغم ان العسل لة حلاوة تبلغ ضعف حلاوة السعر العادى الا انة اقل ضرر للمصابين بمرض السكر ، لان العسل يحتوى على سكر الفراكتوز لذلك اذا اخذ مريض السكر العسل النقى لايضرة كثيرا ، فمريض السكر دائما التمثيل الغذائى لة ضعيف اى يوجد انزيم ناقص يحول الجلوكوز الى فراكتوز ، والفراكتوز بيبدأ التمثيل الغذائى فى الدورات المختلفة لانتاج الطاقة..
فالعسل طعام قلوى لاحتوائة على عناصر الصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم فكلها عناصر قلوية قوية لانها تقع فى اول الجدول الدورى لذلك كان اثره عظيم فى توازن القلوى فى الجسم وتقليل الحامض فى الجسم والتى يكون لها اضرار على الانسان عند زيادتها فهى تقلل من حيوية الجسم وتصيب الانسان بشيىء من الفطور والملل ، فيشعر الانسان بعد تناولة للعسل بنشاط وحيوية ، وتحتوى انسجة الطفل عند ولادتة على كميات من الحديد تكفية 3 شهور فقط ولما كان لبن الام يعتبر فقير جدا بالحديد لذلك لابد ان نعطى الاطفال معلقة عسل نحل يوميا بعد 3 شهور الاولى لنعوضة بكمية حديد والتى يفتقر اليها لبن الام وخاصة عسل النحل ذو اللون الغامق كما انة يفيد الاطفال فى كونة يقيه من الانيميا والكساح ، فهو يعالج الانيميا لانة يزود نسبة الهيموجلوبين فى الدم وبالتالى تزيد كرات الدم الحمراء .
وهناك دراسات اجريت فى المانيا وفرنسا والاتحاد السوفيتى حيث وجد ان عسل النحل يزيد من وزن الجسم ويقلل من حالات الاسهال والقيىء ، والجرعة المحددة للاطفال الرضع هى ملىء معلقتين صغيرتين يضافوا الى كوب من الحليب صباحا او مساءا ، وتزيد الجرعة الى معلقة ونصف مرتين يوميا فى حالات الامساك او الاسهال ، وثبت ان الاطفال الرضع اللذين يتغذوا على العسل لايصابوا بالمغص المعوى او التلبك المعوى ، لان السرعة التى يمتص بها العسل لا تترك مجال لحدوث تخمر فى المعدة .
وقد اجريت بعض التجارب على الكلاب الصغيرة لمدة 7 شهور حيث كانوا يضيفوا قصب السكر او سكر الجلوكوز وحدة او العسل الى غذائها فوجد انة عند التشريح ان العسل يساعد على نمو العظام والاسنان حيث يحتوى على قدر كبير من الفوسفور والكالسيوم بالاضافة الى فيتامينات ب المركب ، وفيتامين د وجميعهم يلزموا لتكوين الهيكل العظمى والاسنان ، ومن بضع سنوات لم يكن المتخصصين فى التغذية يعلقون على اهمية ما فى العسل من معادن لان العناصر الموجودة فى العسل كميتها قليلة ، ولكن اتضح فيما بعد ان الجسم لا يحتاج من تلك المعادن الا اّثار خفيفة وهى فعلا الموجودة فى العسل والعناصر الاخرى كافية لحفظ التوازن المعدنى فى جسم الانسان فالامور هنا متوازنة من قبل رب العزة سبحانة .
يحتوى العسل على كمية كبيرة من النحاس والحديد والمنجنيز ، فالنحاس والحديد والزنك يكونوا لازمين لتكوين كرات الدم الحمراء وتكوين الهيموجلوبين فى الدم وبالتالى يحمل الاوكسجين الى الانسجة فاذا وجدوا فى صورة متزنة لايعانى الانسان من الانيميا ، اما المنجنيز فهو لازم لعمليات الاكسدة والاختزال داخل الجسم ، فرب العزة جعل ميل هيموجلوبين الدم الى ثانى اكسيد الكربون 1.. مرة ميلة الى الاوكسجين فلما يذهب الى الانسجة يترك الاوكسجين ويأخذ ثانى اكسيد الكربون ، اما النحاس مهمتة فى الجسم مساندة الحديد حيث عدم وجود انيميا فى الجسم هو اتزان 3 عناصر الحديد والنحاس والزنك ولذلك وجد ان المنجنيز مهم لاغراض النمو والتكاثر وافرازات الكبد والخمائر التى تقوم فى الانسان بعمليات التمثيل الغذائى فهو منشط لبعض الخمائر ذات الاهمية فى التمثيل الغذائى ..
واكدت التجارب انة لايمكن لاى ميكروب ان يعيش فى عسل النحل اكثر من عدة ساعات فالعسل يمتص الماء التى توجد فى الميكروب فيمنع الوسط المائى داخل الميكروب فيموت الميكروب ، فالعسل بيئة غير ملائمة للكائنات الدقيقة ، فالعسل مصدر غنى بعنصر البوتاسيوم لذلك يستخدم العسل لعلاج الجروح المتقيحة والملوثة حيث يدخل البوتاسيوم كمنشط لتكوين الجلطة .
وهناك بحث قام بة الدكتور ساكيت بكلية كلودارو الزراعية فى الولايات المتحدة الامريكية حيث زرع جراثيم مختلفة بمختلف الامراض على العسل الصافى وبدأ ينظر الى النتيجة ، فحدث بعد ذلك نتائج اثارت العجب فكل الجراثيم ماتت وانقضى عليها فى بضع ساعات اى اقل من 10 ساعات او فى فترة اقصاها بضعة ايام ، فمثلا جراثيم التيفود والنخاع الشوكى كلها ماتت بعد 48 ساعة ، والتيفويد والباراتيفويد لن يتعدى 24 ساعة ، والجراثيم المسؤلة عن الالتهاب الرئوى ماتت فى اليوم الرابع ، وكذلك الجراثيم الاخرى المسؤلة عن التهاب الاغشية البروتينية والدوسنتاريا جميعها قضى عليها بعد 10 ساعات وهذه النتائج ايدت بعلماء اّخرين من واشنطن والدكتور لوبيت فى كندا .
سكر العنب ( سكر الفراكتوز) وهو من اهم مكونات عسل النحل والذى يستخدم فى الطب حديثا بكثرة لعلاج امراض الدورة الدموية ويعالج زيادة التوتر والنزيف وقرحة المعدة ، وامراض الامعاء عند الاطفال والامراض المعدية مثل التيفويد والدوسنتاريا والملاريا والتهاب الحلق والحمى القرمزية والحصبة والتسمم وما الى غير ذلك ، فالفراكتوز مهم جدا لنبدأبة دورة التمثيل الغذائى داخل الجسم ، فلو اخذنا جلوكوز يبقى الجسم يحول الجلوكوز الى فراكتوز وبالتالى نسرع من عمليات التمثيل الغذائى داخل الجسم .
ان الفراكتوز الموجود فى عسل النحل بصورة متزنة مع الجلوكوز والسكريات الخماسية الاخرى لة فوائد عديدة سبق ذكرها لذلك يعتبر العسل بمحتوياتة من السكريات الخماسية والسداسية مصدر من مصادر الطاقة حيث لا تجرى على سكرياتة اى نوع من انواع الهضم لانها موجودة فى صورتها المهضومة وبالتالى يمتصها الجسم مباشرة . فهناك عالم يسمى لوتينجر فى الولايات المتحدة الامريكية الذى اجرى تجارب عديدة على عسل النحل من اهمها التى اجريت على اضطرابات القناة الهضمية خاصة فى الاطفال فهم يجمحوا حاليا الى عدم استخدام اى ادوية او كيماويات مصنعة وخاصة للاطفال اثناء نموهم .