بلى فليتغير اسم بغداد
كتابات - وائل القادري
بهذه الكلمات اريد ان أجيب الاستاذ (هادي جلو مرعي) على مقالته التي طالب بها مازحا تغيير اسم بغداد , لكني هنا لا امزح كما فعل الاستاذ هادي بل اطالب فعلا بتغير اسم هذه المدينة لانه لم يعد يتلائم معها ابدا . انا لا اطرح هذا الامر بناء على الاسباب التي تكلم عنها الاستاذ هادي كضغف الخدمات وغيرها من الاسباب بل اطرحه لان بغداد لم تعد المدينة التي كانت عليها قبل نصف قرن ولن تعود ابدا الى ذلك في يوم من الايام . كانت بغداد مدينة اصيلة بسكانها الذين عاشوا متأخين لمئات السنين لا يفرقهم لا دين ولا مذهب ولا معتقد , فقد كان فيها احياء كاملة للمسلمين الشيعة والمسلمين السنة والنصارى واليهود واحياء اخرى متمازجة تعيش جنبا الى جنب لم يحصل بينها في يوم من الايام اي نزاع او فرقة , ولم تحدث فيها اعمال القتل والتصفية والتهجير ولم يحصل فيها سلب ونهب ولم تبنى بينها حوائط كونكريتية لبسط الامن في ربوعها . لذلك عاشت تلك المدينة بسلام دائم واجتازت جميع المحن التي مرت بها مهما كانت صعبة وشديدة . لكن هذا التأخي لم يعجب من كانوا يضعون الخطط لمستقبل العراق والمنطقة من الانكليز واليهود والايرانيين وغيرهم , لذلك فقد وضع تدمير هذه المدينة التاريخية العريقة ضمن مخططهم لتدمير العراق والمنطقة . لم يكن ذلك صعبا على من خططوا ذلك فالامر لم يكن يحتاج الى اكثر من اجراء تغييرات ديموغرافية على التركيبة السكانية لهذه المدينة عن طريق زرع عناصر طفيلية غريبة عنها ومن ثم ترك الامور تأخذ مجراها من وحدها . ولتحقيق هذا الهدف كان يتعين اختيار شريحة تحمل خصائص معينة اهمها سرعة التكاثر لكي تهيمن على المدينة خلال مدة ليست طويلة وثانيها انها لا تحمل اي ذرة من الغيرة لا على هذه المدينة ولا على هذا البلد . كان من السهل ايجاد هذه الشريحة , فـ (الشراكوة) الذين ترجع اصولهم الى مناطق شرقية تقع بين ايران والهند والذين نزحوا الى العراق خلال المائتي سنة الاخيرة واستوطنوا جنوبه وبالذات في منطقتي العمارة والاهوار كانوا افضل من تنطبق عليهم هذه الاوصاف . وكان الشراكوة قد بدأوا بالنزوح الى بغداد فعلا منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة بسبب ظلم النظام الاقطاعي من جهة ولعدم حبهم لمهنة الزراعة التي لم يمتهنونها الا مرغمين , الا انهم منعوا من الدخول والتغلغل الى داخل المدينة بسبب السياسة الصارمة التي اتبعها حيالهم نوري السعيد , لذلك شكلوا احزمة من الصرائف تحيط ببغداد من جانب المنطقتين الشرقية والشرقية الجنوبية . وبعد ان تولى صالح جبر الذي تعود اصوله الى الناصرية منصب رئيس الوزراء قام بتنفيذ اول صفحة من المخطط المرسوم لبغداد حين امر بأعتبار جميع هؤلاء النازحين من سكان بغداد سامحا بذلك لاول نزوح شركاوي الى المدينة . وبعد ذهاب صالح جبر وتولي نوري سعيد بعده لرئاسة الوزارة مرة اخرى عاد الى سياسته القديمة بمنع الموجات الجديدة من النازحين من التغلغل الى بغداد فتشكلت احزمة صرائفية جديدة من هؤلاء . وقف نوري سعيد بتصرفاته هذه حائلا امام بلوغ الهدف الموضوع لمدينة بغداد فكان لابد من ازاحته وازاحة الحكم الذي يقف ورائه فكان انقلاب 14 تموز عام 1958 الذي كان بالتأكيد وراءه الانكليز واليهود . اصبح عبد الكريم قاسم بعد هذا الانقلاب زعيما للبلاد وكان من ضمن ما هيأ لعمله هو اكمال الخطوة التي بدأها صالح جبر فقام بتهجير 100 الف نسمة من الفلاحين الذين يسكنون العمارة والاهوار الى بغداد واسكنهم في مدينة (الثورة) كما سميت في حينها , بالاضافة الى اعتباره لجميع سكان الصرائف الذين يحيطون ببغداد من سكانها الشرعيين . لذلك ليس غريبا ان يكره الشراكوة الى درجة كبيرة نوري سعيد والنظام الملكي ويقدسون ويمجدون بالمقابل عبد الكريم قاسم الذين يعتبروه الراعي الاول لظهورهم في المجتمع العراقي في الزمن الحديث . كانت هذه الخطوة هي السكين القاتلة التي غرست في خاصرة بغداد والتي لم يعرف احد في وقتها بانها ستؤدي في نهاية المطاف الى القضاء التام على هذه المدينة وتحطيم كل ارثها الحضاري . وبعد مضي اكثر من نصف قرن على هذه الاعمال والتكاثر الذي ليس له مثيل للشراكوة اصبحت بالفعل بغداد ليس كما كانت عليه قبلها ابدا . فبغداد يسكنها الان اكثر من ثلاثة ملايين شركاوي انتشروا في جميع ربوعها بعد ان ازال النظام الحالي عقبة احصاء عام 1957 التي كانت تعيق انتشارهم في المدينة . وقد نقل هؤلاء الى المجتمع البغدادي اسوء ما خلق الله من عادات وطبائع واخلاق وقيم ومفاهيم وافكار واعراف , وقضوا على كل شيء حضاري فيها حتى اصبحت بغداد اليوم مدينة شركاوية من الدرجة الاولى . وبغداد ستستمر بالتدهور والخراب والضياع ولن تعرف الحضارة والتطور بعد الان طالما ظل بها الشراكوة وطالما ظل عددهم يزداد يوما بعد يوم . وبغداد ستبقى محرومة من الامن ولن تعرفه ابدا بعد اليوم طالما سادت وعمت بها الاخلاق والاعراف الشركاوية السيئة , فمعظم الانفلات الامني الذي تعاني منه يعود سببه الى وجود هؤلاء فيها . وحتى اعمال التفجيرات التي تقوم بها منظمة القاعدة فهي غالبا ما تأتي ردا على اعمال هؤلاء او كردود أفعال على ممارستهم للطقوس الدينية المبالغ بها والتي لا اساس ديني لها في نفوسهم سوى تشبثهم بمحاولة الظهور وكانهم محور الطبقة الشيعية في العراق والراعي لها .
انا لا اريد هنا ان أتجنى بأقوالي هذه على هذه الطبقة من الناس ولا ان الصق بهم صفات غير موجودة فيهم , لكنها الحقيقة المرة والواقع المؤلم الذي يخشى الكثير من الناس طرحه اما خوفا او لاجل عدم الظهور بمظهر عنصري . انا اقر بانه يوجد ضمن الشراكوة اعداد كبيرة من الناس الخيرين والبسطاء والمسالمين وانه قد برز منهم الكثير من المثقفين والمتعلمين المخلصين والمحبين للعراق , الا ان هؤلاء مع الاسف قلة قياسا بالاعداد الهائلة من السيئين فيهم من الذين تربوا في الشوارع كمتسولين ومتسكعين فلم يتعلموا منه غير صفات الشر حتى بات كل واحد منهم مشروع لأنتاج قاتل او مجرم او حرامي او نصاب . كما اني لا اقصد بكلامي هذا الطبقة الشيعية الاصيلة في المجتمع العراقي من سكنة بغداد ومحافظات الوسط والجنوب لانهم مختلفين كأختلاف السماء عن الارض عن الشراكوة . صحيح ان الشراكوة تشيعوا اثر نزوحهم الى العراق لكن ذلك لا يعني ابدا بانهم وسكان العراق الشيعة الاصليين سواء . ان الشراكوة يحاولون الان جاهدين ان يمتزجوا بالاوساط الشيعية الاصلية لكي يظهروا وكانهم وهؤلاء كيان واحد لكن ذلك لا يخفى ابدا على المتبصرين , ولو رأينا ما فعله الشراكوة في بعض مدن الجنوب كالبصرة مثلا لعرفنا بان أذاهم لا يفرق بين اي من مناطق العراق .
من ناحية اخرى فانا اعرف ايضا باني سأتهم على الفور اثر ما طرحته اعلاه باني صدامي وبعثي وطائفي وتكفيري وشوفيني وغير ذلك من النعوت التي مللنا سماعها , لكني والحمد لله لست كل هذا ابدا . فاولا انا لست صدامي ولم احب صدام في يوم من الايام لكني اقر واعترف الان بانه كان افضل حاكم حكم العراق في العصر الحديث , ليس لانه جيد في شيء لكن لانه كان فعلا الدواء الناجع الضروري للتعامل مع السيئين من العراقيين ومن بينهم الشراكوة الذين وضحت طبائعهم وظهرت على حقيقتها بعد زواله . فحين زال سيف صدام شاهدنا بأعيننا كيف قام الشراكوة باعمال السلب والنهب والقتل المروعة التي حدثت بعد سقوط بغداد وكيف هربوا كل ما سرقوه للخارج وبالذات لايران وباعوه بابخس الاثمان مما اثبت بوجه قاطع بانهم لا يحملون ذرة من الوطنية وليس لهم غيرة مطلقا لا على هذا البلد ولا على اهله . وثانيا انا لست بعثيا ابدا , لكني وجدت من سير الوقائع التي مرت بالعراق بعد عام 2003 بان افضل حزب سياسي يصلح لحكم العراق على الاطلاق هو حزب البعث , ليس لانه جيد في شيء ايضا لكن لانه الوحيد الذي يعرف كيف يتعامل مع العراقيين ولانه الوحيد الذي يستطيع تطويق كل الخصال السيئة الموجودة في داخل نفوسهم . واخيرا فاني لست طائفي بالمرة فقد رأيت بعيني ما فعلته الطائفية البغيضة بعد حصول الاحتلال والتي زرعها وروج لها احزاب الاسلام السياسي حتى اصبحت اكره كل حزب اسلامي مهما كان لونه وانتمائه واكره كل المعممين مهما كان مذهبهم واتجاههم , وكم اخشى اذا استمر الحال على ما هو عليه الان ان يأتي يوم اكره فيه حتى ديني .
وعودا على موضوع هذا المقال , اقول بانه لا حل لمشكلة بغداد الحالية ابدا وانه يجب تغيير اسمها الى اي اسم اخر بعيدا عن هذه التسمية كان يكون شركاد او شريكيد كما يصغر الشراكوة الأسماء , او شركستان لينسجم مع التوجهات الداعية لتقسيم العراق , او مدينة شركو المنورة ... الخ . كما ادعوا ايضا كل بغدادي اصيل سواء ان كان سني ام شيعي او من اي دين اخر ان يهجر هذه المدينة ويتركها الى الشراكوة ليشبعوا بها وليسرقوا كل ما تبقى فيها مما لم يسرقوه لحد الان كنصب الحرية الذي اقامه زعيمهم الخالد على سبيل المثال . ان بغداد ستؤول الى هؤلاء بالكامل ان عاجلا ام اجلا , وهو امر ان لم يحصل اليوم فسيحصل غدا بالتأكيد لسبب بسيط هو ان سرعة تكاثر الشراكوة لا يمكن مقارعته ابدا , فبعد عشرين سنة سيصبح عددهم في بغداد فقط اكثر من عشرة ملايين شركاوي . وبقدر ما ان ترك المدينة لهم سيحد من الاذى المستمرين بايقاعه باهل بغداد الاصليين فانه سيؤذيهم أيضا لان هؤلاء كالبكتيريا لا يمكن ان يعيشوا الا متطفلين على الاخرين ولانهم كوحوش الغابة ان لم يجدوا من يفترسوه يفترسون ويأكلون بعضهم البعض .
اما بغداد فما اسهل من احيائها من جديد وبناء مدينة جديدة بنفس هذا الاسم . يمكن اختيار بقعة تقع على مسافة لا تقل عن مئة كيلومتر شمال بغداد الحالية لبناء مدينة حديثة وعصرية في كل شيء وليوطن بها سكان بغداد الاصليين بعد ان يثبتوا انتمائهم الى تلك المدينة حسب احصاء اقترح ان لا يكون ابدا بعد عام 1927 . كما اقترح على أولي الامر في هذه المدينة الجديدة قطع دابر كل شركاوي يحاول الدخول اليها حتى وان كان للمرور او الزيارة , لأن دخول زوجين شركاويين من ذكر وانثى فقط الى هذه المدينة واختبائهم فيها سيؤدي بعد بضعة عقود الى نشوء ملايين من الشراكوة فيها وعودة نفس المشكلة من جديد